ولد الشيخ يتحدث عن مبادرة ميناء الحديدة والمفاوضات التي جرت بين انصار الله والقيادات الأمنية في السعودية و استهداف موكبه الشخصي في مطار صنعاء
يمنات – صنعاء
يهيمن علي المشهد اليمني الراهن سيناريو التدهور العام أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا, في ظل غياب إرادة سياسية لدي الأطراف اليمنية.
إضافة إلي وضع عراقيل في طريق ما يستحدث من مبادرات, ويبقي من المحتمل البقاء في أجواء هذا المشهد لفترة قادمة بما سيعمق الأزمة, إلي جانب أن استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية والاقتصادية إلي حد قد تعجز الأطراف الدولية والإقليمية عن علاجه.
وفي حوار اجرته صحيفة “الاهرام” المصرية، مع المبعوث الاممي إلي اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال زيارته الأخيرة إلي القاهرة استعرض الموقف الخاص بجهود الأمم المتحدة في اليمن وجدد دعوته لاستئناف مفاوضات التسوية مجددا, كما يفض الاشتباك للمرة الأولي بين المسارات الأساسية للتسوية والفرعية المطروحة حاليا في نموذج الحديدة وإمكان البناء عليه كمدخل لتسوية شاملة إلي جانب المساهمة في معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة, وعلي الرغم من التحديات العديدة إلي جانب التهديدات التي يتعرض لها فريق الأمم المتحدة العامل في اليمن إلا أنه لا يزال يري أن هناك أملا في التسوية.
حوار: أحمد عليبة
توليتم مهمتكم في اليمن في إبريل..2015 في ضوء ما وصلت إليه الأوضاع الراهنة في اليمن كيف تقيمون جهودكم كوسيط للأمم المتحدة في هذه الأزمة؟
نحن بدأنا المشوار قبل أكثر من عامين وأنا أعرف أن السؤال المطروح الآن والناس محقة فيه.. لماذا لم نتوصل إلي حل؟ ويطنون أنه لم يحقق شيئا في هذا الإطار, ونحن نري أنه خلال هذه الفترة هناك جهود كثيرة, يعني من الأشياء المهمة الأجواء التي حصلنا عليها في الكويت والاتفاقيات التي بلورنها ولم نوقع عليها و3 أشهر متواصلة لم ننقطع من الحوار المباشر بين الأطراف, لكن في الحرب الحوار المباشر بين الأطراف من أصعب الأمور التي يمكن أن تحصل عليه, وكذلك إذا نظرنا إلي الجولات التي قمنا بها في عمان وإقناع الحوثيين بالقبول بالقرار2216, ولا أظن أن هذه الجهود كانت فقط للأمم المتحدة ولكن نتمتع بدعم كبير من الدول في المنطقة, دول مجلس التعاون, بريطانيا وأمريكا وفرنسا والصين وروسيا وهذه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وكثير من الأصدقاء دول الـ18من الدول الداعمة لليمن.
لديكم خبرات سابقة في اليمن علي مدار عامين كمنسق للشئون الإنسانية ضمن البرنامج الإنمائي, لكن محصلة الأوضاع الإنسانية والصحية في اليمن تشير إلي تدهور كبير يتحمل أنه سيتفاقم في ظل الممارسات المليشياتية التي تقوم بها الحركة الحوثية أليس هناك من آلية أممية للتعامل مع هذا الوضع؟
كنت في اليمن من بداية2012-2014 كمنسق للشئون الإنسانية وقبل ما أمشي علي ليبيا ثم كنت رئيسا لبعثة الأمم المتحدة للأيبولا بعد ما رجعت إلي اليمن ولكن ما أشرت إليه صحيح, في تلك فترة كان لدينا7 ملايين يمني يحتاجون إلي مساعدات إنسانية في2013 وكنا نقول إن الأزمة كبيرة لأن7 ملايين كانوا تقريبا ثلث السكان, اليوم نتكلم عن85% من المواطنين ما يزيد علي18.8 مليون يمني يحتاجون لمساعدات إنسانية, اليوم الوضع يشير إلي أن ثلث السكان علي وشك المجاعة, لقد انتشرت الكوليرا في الأسابيع الماضية وفي أقل من شهرين وصلنا علي ما يزيد علي300 ألف حالة وهناك ما يزيد علي2000 حالة وفاة من الكوليرا واليوم اليمن هي أول دولة في سوء التغذية لدي الأطفال وانتشرت أمراض كانت قليلة أو حتي نادرة في اليمن منها شلل الأطفال, منها الحصبة, يعني أمراض بدأت تنتشر.
لكن الذي أريد حقيقا العمل عليه هو الفصل بين المسار السياسي والمسار الإنساني, فبرغم كل هذه المأساة التي يعيشها البلد لولا الفريق الإنساني وجهوده التي تستحق الإشادة لكانت الأمور أسوأ, إضافة الي أنه علي الرغم من الأوضاع الأمنية المتدهورة إلا أن الفريق الإنساني والمنظمات غير حكومية لا تزال تعمل في هذه الأجواء الصعبة جدا ولم يغادروا اليمن. كذلك هذه السنة كانت هناك حاجة إلي2.2 مليار دولار لتوفير المساعدات ونأسف أن نقول لكم إنه بالرغم من مرور نص السنة لم نحصل سوي علي30% منها, وأقول لكم إن مجلس الأمن كان دائما مصمما أن يدعو في كل جلسه خاصة باليمن إلي أهمية الجانب الإنساني.
خلال زيارتك الأخيرة كان هناك استهداف شخصي لك في المطار أليس هذا مؤشر علي رغبة الطرف المسئول عن ذلك في إنهاء دوركم ودور الوساطة الأممية في اليمن ؟
لا شك.. كان هناك استهداف للموكب الذي أنا كنت فيه, لكني قررت ألا أضخم هذه القضية لأنها في النهاية تتعلق بشخصي, ولا أريد أن يتم شخصنة الأمور, زيادة علي ذلك أظن أن اليمنيين أطفالا ونساء والشعب اليمني كله يعانون يوميا وأشياء أخطر من هذا وفيهم من يواجه الموت مباشرة, ثانيا: هذه المحاولة لن تضعف عزيمتنا علي الاستمرار في العمل نفسه حتي أن الفريق الأمني طرح وقت الحادث العمل من الخروج من صنعاء لكن بقيت3 أيام وقمت بتحركات وزيارات مختلفة بما فيها مع بعض قيادات من المؤتمر الوطني وأنصار الله, ورغم أن الحادث خطير وأصلا لا يجوز وليس من العادات اليمنية لكني أسفت أكثر أننا لم نتوصل إلي الجلوس للحديث في مبادرتين جئت من أجلهما مبادرة الحديدة ومبادرة السلام هذا أكثر خطورة في رأيي كما أن الإخوة في الفترة نفسها قاموا بحملة كبيرة ضد هذه الجهود بدون أن يستمعوا إليها أصلا.
وأظن أن هناك تفسيرات مختلفة لهذا, واحدة منها القراءة الفاسدة لدي أنصار الله علي تصورهم للمجتمع الدولي وموقف المجتمع الدولي, فنقاط القوة في اليمن هو أن المجتمع الدولي كله متحد علي قضية اليمن ويعترف بالشرعية ويعترف بالجهود التي يقوم بها المبعوث.
في إطار اللقاءات التي أجريتها مع قيادات تحالف( الحوثي صالح) هل هناك صوت واحد أم صوتان داخل هذا التحالف بشأن قضايا التسوية والمبادرات التي تطرحها عليهم ؟
نعم, لا شك.. البعض يقول وربما هذا صحيح إن هناك انقسامات في القيادات في أنصار الله ما بين تيار متشدد وتيار غير متشدد وهذا ممكن أيضا في بنية التحالف الأكبر مع علي عبد الله صالح. هناك مسألتان, لا شك هناك تباين في الآراء, ولكن في رأيي أننا مازلنا وهذا ما لاحظته في زيارتي الأخيرة أمام صوت موحد في الموقف حتي أن الأخوة في المؤتمر الذين يبدون كثيرا من التعاطف وهم علي الأقل أخرجوا بيانا يدين العملية, قرروا ألا يقوموا بلقاء منفصل لأنهم كانوا يريدون أن يكون اللقاء دائما بين أنصار الله والمؤتمر موحد, أكيد هناك خلافات وتباين في الآراء ولكن لم يصل إلي حد الأن في رأيي إلي انفصال كامل.
المفاوضات التي جرت بين الحركة الحوثية والقيادات الأمنية في السعودية هل كانت مسارا منفصلا عن مساركم وما تقديركم لها؟
كان هذا مسارا مستقلا, لكنه كان جيدا, نحن شجعنا هذه المفاوضات المباشرة وكنا من بين من سهلها, كان هناك دور كبير سلطنة عمان والدول الأخري, والمملكة العربية السعودية كانت لها خطوات كبيرة والإخوة في أنصار الله اعترفوا لهم بأن قيادات سياسية كبيرة كانت تشجع هذا المسار, وفي رأيي هذا هو المستقبل لأنه في النهاية نحن جيران في المنطقة ولا يمكن أن تختار من هو جارك
وإن كانت هناك تخوفات لدي المملكة العربية السعودية خاصة علي الحدود فالصواريخ وصلت إلي مدن كبيرة وهذا شيء خطير وكذلك تتكلم السعودية عن وجود إيران, وفي رأيي لو باشرنا هذه المفاوضات وكانت هناك تطمينات أكثر واستعداد حقيقي من الحوثيين أن يزيلوا هذه المخاوف كنا سنتقدم في الملف بسهولة.
دعوت إلي استئناف المفاوضات في مارس الماضي وهناك أيضا تجدد هذه الدعوة من أي نقطة ستبدأ لو تمت تلبية هذه الدعوة؟
أولا نحن مازلنا متمسكين بأن الأفكار في الحل كلها وردت في الكويت, كان هناك ما يزيد علي90 يوما النقاش المباشر وغير المباشر, وأنا أقول لهم دائما الحل في جانب سياسي وفي جانب أمني, الجانب الأمني يتعلق بالانسحاب وتسليم السلاح والقضايا الأمنية الأخري فلا يمكن لجماعات خارج الدولة أن تسيطر علي مدن ومؤسسات, ويجب أن يكون هذا تحت سيطرة الدولة وفي الوقت نفسه الحل السياسي يتكلم عن الشراكة السياسية وحضور الحوثيين وجماعات علي عبد الله صالح وغيرهم في أي حكومة مستقبلية وهذا حقهم, أي حل مستقبلي سيتبلور في هذا الإطار, ممكن أن يختلف علي قضية ما هي مؤسسة الرئاسة وكيف التعامل مع الانتخابات المستقبلية وكيف نتعامل مع إنشاء الحكومة لزمن ما, لكن كلها تفاصيل وليست هي النقطة الجوهرية, النقطتين الجوهريتين كما قلت هما جانب أمني وجانب عسكري.
ركزت مؤخرا سواء في مجلس الأمن وخلال جولاتك الأخيرة علي ميناء الحديدة فيما بدا وكأننا أمام مسار آخر من المفاوضات؟ هل سيتقدم هذا المسار الفرعي علي المفاوضات الأساسية؟
هذا السؤال مهم لأنه يتيح لنا توضيح نقطة الجميع لم يتطرق إليها, نحن نتكلم الآن عن ميناء الحديدة وبعض الناس للأسف يظن أننا تركنا الحل الكامل والشامل ونتحدث عن ميناء الحديدة وهذا ليس صحيحا, فما يهمنا هو أن الحديدة ليست إلا خطوة من حل كامل وشامل, وكان التحالف والحكومة الشرعية يحضرون لعملية عسكرية ضد ميناء الحديدة وأعلنوا هذا, حتي عندما جاء الأمين العام للمنطقة كان هناك حديث حولها ونحن في الأمم المتحدة نظن أن عملية عسكرية ضد الحديدة ستكون لها تداعيات إنسانية خطيرة وتهدد استقرار المنطقة.
إذا عرضنا بعض الأفكار علي التحالف وعلي الإخوة في السعودية وكذلك في الحكومة الشرعية وتقبلوا أشياء منها, لكن لم يوافقوا عليها حتي نكون واضحين, البعض يظن أنهم وقعوا عليها ولكن في الحقيقة ليس هناك اتفاق ليوقع عليه هي أفكار طرحت ووافقوا عليها مبدئيا. مع الأسف لم يتسن لنا إلي حد الآن اللقاء المباشرة مع الإخوة في أنصار الله والمؤتمر, كما قلت في صنعاء التقيت مع بعض قياداتهم وأوصلت لهم بعض هذه الأفكار ولا يمكن أن يقولوا إننا تجاهلناهم.
ما هي هذه الأفكار؟
نعم, أولا أن الحديدة ليست هي الهدف ولكن هي خطوة أولي من حل كامل وشامل, بعد ما نصل إلي الحديدة نريد أن نصل إلي وقف إطلاق النار والرجوع للمشاورات المباشرة, وكما تعلمون كان التقيت مع معالي الأخ صباح خالد الصباح وزير الشئون الخارجية بدولة الكويت وهم يرحبون برجوعنا إذا كنا مستعدين حقيقة لإنهاء والتوقيع علي اتفاقية السلام.
هناك أولا جانب أمني: تشكيل لجنة عسكرية أمنية من ضباط لم يشاركوا مباشرة في الحرب ويحترمهم الجميع ويمكن أن يشرفوا علي الجانب الأمني في مدينة الحديدة وميناء الحديدة, وهؤلاء الضباط سيدعمون من طرف وحدات عسكرية تؤخذ من الجماعات العسكرية الموجودة اليوم هناك والجميع كل الباقية تخرج إلي مسافة يتفق عليه.
وثانيا: الجانب الاقتصادي وهو تشكيل لجنة اقتصادية ومالية من رجال الأعمال وتكلمنا مع رجال أعمال مختلفين مستعدين ولهم مصالح وأولها مصلحة بلدهم وكذلك بإشراف مباشر من الأمم المتحدة ومن أطراف أخري بخبراء من أجل إدارة الإيرادات التي تأتي علي ميناء الحديدة وهذه القضية الهدف منها هو كذلك حل قضية الرواتب.
إذا كان الإخوة أنصار الله أخذوا علي الأمم المتحدة أنها لم تحل قضية الرواتب, هناك إيرادات كبيرة في الشمال وهذه الإيرادات لازم تكون جزءا ما يشارك في دفع الرواتب, هناك إيرادات كبيرة في الميناء, هناك إيرادات في الجمارك, هذه الضرائب والإيرادات لابد أن تكون جزءا من الحساب ولكن نحن نريد أن نعمم هذه الفكرة, فكرة الحساب الذي يديره البنك المركزي بمساعدة من الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرها, نريد أن نعممها علي ميناء الحديدة, ميناء عدن, المكلا, المخا, وغيرهم وكذلك حتي علي الإيرادات في الجنوب من أجل أن يكون هناك حساب موحد إذا كان هدفا حقيقيا والنوايا حسنة, مع الأسف ما نلاحظه نحن أن هناك مصالح شخصية بدأت في بعض الأحيان تدفع بعض الناس للاعتراض علي هذه الأفكار وشحن كبير للقضايا.
هل الإدارة الأمريكية الجديدة تشكل متغيرا في المشهد الحالي علي النحو الذي كانت تنخرط به الإدارة السابقة التي كانت تطرح مبادرات مثل مبادرة وزير الخارجية السباق جون كيري أم ما هو موقفها في تقديرك؟
التقيت بوزير الخارجية السيد ريك تلرسون وكذلك بأعضاء من الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض ومستشارين للرئيس ترامب, وما لمسته لدي الإدارة الأمريكية هما مسألتان وهما يعلنوها علني, أولا: أنهم يدعمون بكل قوة دول مجلس التعاون واستقرار مجلس التعاون وأي شيء يهدد دول مجلس التعاون سيكون لهم أولوية وإنهم مستعدون لدعمه. ثانيا: ما لمسته لديهم هو الاهتمام بانتشار الإرهاب والذي مع الأسف هذه الحرب وعدم الاستقرار الموجود اليوم يجعل الجماعات الإرهابية في اليمن أقوي مما كانت موجودة.
رغم كل هذا المشهد هل لا يزال لقديك قدر من التفاءل في مستقبل هذا الملف ؟
لا شك في ذلك نحن متفائلون, ودعني أقول أنه من الأشياء المؤسفة أن الحل في اليمن قريب منا إذا كانت هناك إرادة سياسية, والشعب اليمني تعب والمنطقة تعبت وهذه الحرب خطيرة بتداعياتها من ناحية الإرهاب وعدم إستقرار المنطقة وتعلمون أن هناك تهديدا حتي للملاحة البحرية في البحر الأحمر.